۱۳۹۵-۰۲-۲۱

التمهید فی شرح قواعد التوحید : الفصل الأول فی النوحید

 

النسبة العلمیة

ثمّ إنّ الذات باعتبار اتّصافها بالوحدة الحقیقیة تقتضی تعینا یسمّی باصطلاح القوم بالتعین الأوّل تارةً وبالحقیقیة المحمدیة أخری.

(۱۳۳)

لا یقال: التعین إنّما یطلق علی ما به الامتیاز، ولمّا کان فی هذه الحضرة لیس للغیر أثر ولا اعتبار، ضرورةَ منافاته للوحدة المطلقة، لا حاجة لها إلی الامتیاز، فکیف یتصوّر التعین؟

لأنّا نقول: الامتیاز تارة یکون بحسب التقابل والتضادّ، وتارة بحسب الإحاطة والشمول، والمعتبر فی تعین هذه الحضرة إنّما هو المعنی الثانی کما سبق تحقیق هذا.

ثمّ إنّ التعین یقتضی التجلّی لذاته، فإنّ التعین هیهنا علی ما عرفت هو توجّه الذات من کنه غیب هویتها وعدم تناهیها إلی حضرة الإحاطة والتناهی، وهوالظهور والتجلّی الأوّل المعبّر ب «النسبة العلمیة». فالذات بهذا التعین تقتضی أن تتجلّی علی نفسها لنفسها ظاهرةً لها بما اندمجت فیها من الشؤون والأحوال واعتباراتها، واجدةً إیاها، مظهرةً لها، ثمّ حاضرةً عندها، فحصلت للذات باعتبار نسبتها إلی الشؤون المذکورة أسماء أربعة هی الأسماء الأُوَل المسمّاة عندهم: ب «مفاتیح غیب الذات»، المضافة إلی حضرة الهویة فی قوله تعالی: « وعنده مفاتح الغیب لا یعلمها إلاّ هو»(۱)، وهی العلم الذی هو الظهور والوجود الذی هو الوجدان، والنور الذی هو الإظهار، والشهود الذی هو الحضور.

وبیان کیفیة اعتبارها علی هذا الترتیب ظاهر عند اللبیب الفَطِن، والمصنّف أشار إلی هذه الأسماء الأربعة هیهنا علی الترتیب بعبارة تلیق بهذه الرسالة، وإلی غیرها من الأسماء اللازمة لها المترتبة والغیر المترتّبة، ذلک الترتیب المسمّاة ب «الأسماء الذاتیة». فتأمّل.

۱ـ الأنعام / ۵۷.

(۱۳۴)