۱۳۹۵-۰۲-۲۱

التمهید فی شرح قواعد التوحید : الفصل الأول فی النوحید

 

اتّحاد العاقل والمعقول

أمّا الأوّل، فهو أنّ کلّ طبیعة متعینة لذاته، یمتنع أن تکون معقولةً لشیء من العقول ، وذلک لوجهین:

الأوّل، فهو أنّ التعقّل لیس بانطباع المعقول فی العاقل؛ بل لحصول نسبة اتحادیة بین المعقول والعاقل، بحیث لا یتمیزان فی الوجود، کما ستطّلع علیه. والتعین یستلزم الامتیاز عن سائر ما عداه، فلا یجتمع المعقولیة مع التعین الذاتی.

۱ـ بحسب هی هی لا لاقتضاء الطبیعة أن تکون ذات أفراد متعدّدة.

(۷۹)

والثانی، أنّ کلّ معقول تعینه إنّما هو بالعاقل، فلو کان له تعین آخر، یلزم أن یکون لشیء تعینان، وذلک مستحیل، فإذا استحلّ أن یکون معقولاً لشیء من العقول، استحال أن تکون ذات أفراد کثیرة، لأنَّ الأفراد إنّما یتصوّر باعتبار مطابقة الصورة المعقولة لها، فلا یمکن عند انتفاء الصورة المطابقة تحقّق الأفراد، ضرورة امتناع تحقّق أحد المتطابقین بدون الآخر.

وأمّا الثانی، فلأنّ الطبیعة المتعینة بذاتها مجرّدة فی نفسها، فیمتنع اقتران الغیر بها واقترانها بالغیر، فإنّ اقتران القیود إنّما یتصوّر لما هو قابل للتخصیص والتعیین، والمتعین بنفسه لیس کذلک، وإذا استحال اقتران القیود بها، استحال أن تکون ذات أفراد کثیرة، عقلیةً کانت أو ذهنیةً.

ثمّ اعلم: أنّ فی تعدّد هذه الوجوه تنبیها علی حصر ما لم یمکن أن یکون ذات أفراد فی الصور الأربع، وبیان الحصر أنّ الاشتراک هیهنا عبارة عن التطابق بین الصورة العقلیة لما فی الخارج من الصور المتکثّرة، فالاشتراک لا یعقل بدون تحقّق الصور العقلیة والصور المتکثّرة، وحینئذ نقول: امتناعه إمّا بانتفاء الصورة العقلیة، وذلک بامتناع تعقّله، أو بانتفاء الصور المتکثِّرة، وانتفاء الصور المتکثّرة إمّا بانتفاء موجبها، وهو اقتران القیود، أو بوجود مانع لها. والمانع إمّا أن یکون نفس الحقیقة أو أمرا خارجا عنها لازما لها، وإلاّ لا یکون مانعا لها. والأوّل بأن تکون الهویة الخارجیة نفس طبیعتها، والثانی بأن تکون مقتضی نفس طبیعتها، وحینئذ یمتنع صدق شیء من هذه الصور علی فرد غیر نفس طبیعتها وإلاّ لزم قلب تلک الطبیعة إلی غیرها، وذلک بین الاستحالة.

فإن قلت: إنّما یلزم ذلک لو وجب صدق طبیعة الکلّی علی الأفراد فی الخارج، ولیس کذلک، لما تقرّر فی المنطق أنّ إمکان فرض الصدق کاف.

قلنا: إمکان فرض الصدق هیهنا غیر ممکن، للزومه القلب المذکور.

(۸۰)

فإن قلت: غایة ما فی الباب أن یکون ذلک الصدق ممتنعا، وفرض الممتنع لیس بمستحیل؛ بل ممکن، فیمکن فرض صدقه.

قلنا: ما هو غیر مستحیل فرض الممتنع، وما یلزم هیهنا فرض ممتنع، والفرق بینهما بین.

(۸۱)