۱۳۹۵-۰۲-۲۱

التمهید فی شرح قواعد التوحید : الفصل الأول فی النوحید

 

زیادة الوجود علی الماهیة

ثمّ إنّ الوجود عندهم لمّا کان أمرا زائدا علی ماهیات الموجودات، ولم یکن لشیء منها تحقّق إلاّ باقترانه إلیه، ودخوله فی نوع من أنواع مطلق الحصول، حقیقیا کان أو اعتباریا، تخیلوا أنّ نسبة الماهیات إلی الوجود کنسبة الأجسام إلی الحیز، فکما أنّ لکلّ جسم اختصاصا طبیعیا بمکان خاصّ لا یتعدّی من نوع ذلک المکان أصلاً، کذلک الماهیات بالنسبة إلی الوجود؛ فإنّ منها ما لا یکون لها تحقّق إلاّ بحسب الفرض العقلی، وهو الذی وجودها فی القوی المدرکة فقط کالنسب والاضافات الاعتباریة، وهذا النوع من الوجود یسمّی عندهم بالوجود الفرضی، والأمور الاعتباریة معروضاته .

ومنها، ما یکون لها تحقّق خارج الفرض والاعتبار(۱)، سواء وجد الفرض العقلی، أو لم یوجد، ویسمّی عندهم بالوجود الحقیقی والوجود فی نفس الأمر.

۱ـ ویکون هذا أیضا بناقص؛ لأنّ للقسم السابق تحقّقا خارج الفرض، ونفسیة أمره کانت بید المعتبر، وفی الأوّل منه له نفسیة بلحاظ الحمل الشائع لا بلحاظ الحمل الأوّلی إلاّ أن یکون المراد بخارج الفرض الوجود الخارجی، سواء یکون موجودا فی الخارج أو یکون اتّصافه فقط فی الخارج.

(۳۳)

ومن هذا القسم ما یکون بالقیاس إلی الخارج أیضا موجودا، وهو المسمّی بالوجود الخارجی؛ أی الخارج عن المشاعر، ومنه ما یکون تحقّقه فی المشاعر کالنِّسب والإضافات الحقیقیة وسائر ما یقع فی الدرجة الثانیة من التعقُّل « أی المعقولات الثانیة المنطقیة»(۱).

لا یقال: فحینئذ یکون هذا من أقسام الوجود الفرضی، ضرورة أنّ حصوله إنّما هو فی القوی المدرکة؛ لأنّا نقول: حصوله وإن کان فی القوی المدرکة ولکن لیس مختصّا بها، بل له فی الخارج عنها وجود، فهو من أقسام الموجودات الحقیقیة؛ إذ محصَّل هذا التقسیم أنّ ما یتصوّره العقل لا یخلو من أن یکون قابلاً للحوق الوجود فی نفسه، أو یکن، فان لم یکن فهو الموجودات الفرضیة وإن کان قابلاً له، فهو الموجود الحقیقی ، وذلک لا یخلو من أن یختصّ بلحوقه له خارجا عن المشاعر أو لا، فالأوّل هو الموجود الخارجی، والثانی هو الموجود الذهنی .