۱۳۹۵-۰۲-۲۱

التمهید فی شرح قواعد التوحید : الفصل الأول فی النوحید

 

الوصل الرابع عشر

فی دلیل آخر علی إبطال ما ادّعی فی وصل الثانی عشر

قال:

«علی أنّ اجتماع الأمثال واختصاص أحد المتماثلین بالحالیة والآخر بالمحلّیة، واتّصاف أحدهما بصفة دون الآخر، من غیر أن یکون هناک فارق من الأحکام والأحوال المستحیلة بالذات».

أقول:

هذا دلیل آخر بالاستقلال علی إبطال الشقّ الثانی من التردید، وذلک لأنّه إذا کانت الحقیقة الواجبة غیر مغائرة بالذات لمطلق الوجود ولا الوجودات الممکنة أیضا مغائرةً لها، یلزم أن یکون الکلّ متماثلاً فی الحقیقة، ویلزم اختصاص أحد المتماثلین بالحالیة ؛ أی العارضیة، والأخری بالمحلّیة؛ أی المعروضیة، ویلزم أیضا اختصاص أحدهما بصفة الواجبیة والثانی بالممکنیة من غیر أن یکون هناک فارق، واختصاص المتماثلات بالأمور المتقابلة المتنافیة من الأحکام المستحیلة بالذات؛ إذ تنافی اللوازم إنّما یتحقّق بتنافی الملزومات، فلهذا یستدلّون به علیه، والتنافی بین العارضیة والمعروضیة والواجبیة والممکنیة بین.

لا یقال: مع بقاء احتمال القول بالتشکیک خالیا عن الدافع، کیف یتمّ الجزم بالتماثل، فإنّ اللازم من التردید المذکور، أنّ سائر الموجودات؛ واجبةً کانت أو ممکنةً، متماثلة فی حقیقة الوجود المطلق، ولا یلزم منه أن لا یکون مشککا أصلاً، إذ سائر الطبائع الکلیة؛ مشککةً أو متواطیةً، عارضةً أو ذاتیةً، فإنّ لها أفرادا خاصّةً اعتباریةً یکون قولها علیها قولاً عرضیا، وإن کان قول کلّ منهما مخالفا للآخر بالنسبة إلی الأفراد الحقیقیة منهما.

(۸۶)

لأنّا نقول:

سنشیر آنفا إلی دفع ذلک الاحتمال بالاستقلال وتلخیص هذا البرهان أن یقال: إنّ الوجود الخاصّ الواجبی الملزوم لحقیقة الوجود المطلق، إمّا أن یکون قابلاً للاشتراک أو لا، والأوّل ظاهر البطلان، لمنافاته الوجوب الذاتی علی ما عرفت، وعلی تقدیر الثانی لا یخلو من أن تکون حقیقته غیر حقیقة الوجود المطلق، وذلک باطل للزوم تقدّم الشیء علی نفسه، وغیره من وجوه المحالات أو عین حقیقته، ویلزم حینئذ أحد الأمرین، إمّا امتناع استلزام الوجودات الخاصّة الممکنة لمطلق الوجود أو وجوب استلزامها للوجود الخاصّ الواجبی، وکلاهما بین الاستحالة.

أمّا الأوّل، فلاقتضاء الخاصّ استلزامه للمطلق العام ضرورةً، وأمّا الثانی فلِما برهنوا علیه، فعُلم من هذا أنّ القول بالطبیعة الملزومة التی هی الوجود الخاصّ باطل.

(۸۷)