۱۳۹۵-۰۲-۲۱

التمهید فی شرح قواعد التوحید : الفصل الأول فی النوحید

 

الوصل الثامن عشر

فی انتفاء الصورة الثالثة

قال:

«ولا نسلّم أنّها غیر معقولة لشیء من العقول، فإنّا قد برهنا فی سائر کتبنا الحکمیة أنّها عاقلة ومعقولة وعقل لذاتها، ثمّ إنّها معقولة بالنسبة إلی کلّ العقول بحسب اعتبارات وإضافات ونسب زائدة علیها، وإن لم تکن معقولةً لأکثر العقول بکنه حقیقتها».

أقول:

هذا إشارة إلی بیان انتفاء الصورة الثالثة من الصور الأربع عن الطبیعة الملزومة، وبیانه : أنّ المقدّمة القائلة بأنّها غیر معقولة لشیء من العقول، علی إطلاقها ممنوعة، کیف وقد برهن فی الحکمة أنّ تلک الطبیعة لابدّ وأن تکون عاقلةً ومعقولةً وعقلاً لذاتها ، فلا یمکن أن یقال: إنّها لیست معقولةً لذاتها أصلاً.

ولئن سلّمنا أنّها غیر معقولة لذاتها بالنسبة إلی العقول المفارقة، لکن ممنوع أنّها لیست معقولةً بحسب الاعتبارات والإضافات، فإنّها بحسب نسبها الزائدة علیها وإضافاتها اللاحقة لها بالقیاس إلی سائر المدارک، یجب أن تکون معقولةً لکلّ العقول، وإن لم تکن معقولةً لأکثر العقول بکنه حقیقتها.

وحاصل هذا الکلام: أنّ من الصور التی یمتنع بها أن تکون الطبیعة ذاتَ أفراد ذهنیة أو عقلیة، هو أن تکون الطبیعة غیر معقولة أصلاً، لا بالکنه ولا بالوجه، حتی ینتفی معها نسبة الاشتراک والتطابق اللازمین لکون الأفراد أفرادا، وأمّا إذا کانت معقولةً بالوجه لکلّ العقول وبالکنه للبعض(۱)، فلا یلزم ذلک.

 

۱ـ وهذا البحث؛ أی الاشارة بکنه الذات من مستأثرات هذا الکتاب، ومن أجلّ نکتها، وأشرفها وأعلاها، فکلّ موجود مدرک للحقّ علی وفق سعة وجوده وعرفانه وإن یطلب الاعتقاد به العقل والاختیار والعنایة.

(۹۸)