۱۳۹۵-۰۲-۲۱

التمهید فی شرح قواعد التوحید : الفصل الأول فی النوحید

 

الوصل الحادی والعشرون

فی أنّ حقیقة الواجب واجبة لذاتها

قال:

«فلئن قیل: إنّ الحقیقة المطلقة لو کانت واجبةً لذاتها قائمةً بنفسها لما کانت مطلقةً؛ بل کانت مقیدةً بالوجوب الذاتی.

قلنا: إن الحقیقة المطلقة من حیث هی مطلقة، قد تکون لها أحکام ضروریة، لا تخرجها عن حدّ الإطلاق، ولا توجب تقیدها بشیء منها فی الأعیان».

أقول:

هذا شروع فی ما یرد علی ظاهر مذهب المحقّقین، ودفعه من الإیرادات الموهمة للنظّارین، المجادلین من أرباب العقول الضعیفة، والأفکار السخیفة والمشوّشة لبعض المسترشدین، المعقود عقولهم بالمغالطات الفکریة والقرائن الجدلیة.

من جملتها أنّ الطبیعة المطلقة التی هی الواجب عندهم إنّما هو باعتبار عدم اعتبار القیود والنسب مطلقا، حتّی عن هذا الاعتبار العدمی أیضا، فإنّها غیر مقیدة بالإطلاق علی مذهبهم، فحینئذ لو کانت الطبیعة المفروضة واجبةً لذاتها، لزم خلاف الفرض.

وبیان ذلک: أنّه لو کانت واجبةً لذاتها وکان الوجوب مقتضی ذاتها، لامتنع انفکاکه عنها، وذلک یستلزم أن لا تکون مطلقةً حینئذ؛ بل کانت مقیدةً بالوجوب الذاتی؛ إذ لا معنی للتقیید إلاّ اعتبار معنی زائد علی نفس الطبیعة، وإذا کان ذلک المعنی من مقتضی الذات لازما لها، فلابدّ من اعتباره معها، فحینئذ لا تکون الطبیعة المطلقة مطلقةً، هذا خلف.

(۱۰۴)

فأجاب بأنّ الطبیعة المطلقة من حیث هی مطلقة، قد تکون لها أحکام ضروری لا تخرجها عن حدّ الإطلاق، فإنّ الأحکام إنّما تکون مخرجةً للطبیعة عن إطلاقها، إذا کانت زائدةً علیها، حاصلةً باعتبار معنی زائد فی الخارج، ویکون تحقّقها وتعلّقها إنّما هو بالقیاس إلی ذلک المعنی الخارجی. أمّا إذا کانت من الاعتبارات العقلیة الحاصلة لها بالقیاس إلی نفسها بدون اعتبار معنی زائد یشوب صرافة الإطلاق به، ولا نسبة خارجیة تورث إضافة التقید إلیه، فلا تخرج الطبیعة بشیء منها حدَّ إطلاقها فی الخارج، ولا یوجب تقیدها بشیء منها فی الأعیان.

لا یقال: کلّ ما تغایر الطبیعة المطلقة من المفهومات، سواء کانت اعتباریةً عقلیةً حاصلةً لها لذاتها، أو محصّلةً لاحقةً لها من غیرها، إذا اعتبرت معها یکون مخرجةً لها حدّ إطلاقها الذاتی ضرورةً.

لأنّا نقول: إنّما تکون مخرجةً لها، أن لو کانت أمورا زائدةً علیها فی الأعیان منضمّةً معها فیها، أو کان مبدء عروضها ومنشأها غیر حیثیة الإطلاق الذاتی، أمّا اذا کانت من الاعتبارات الحاصلة لها فی العقل بالنظر إلی إطلاقها الذاتی « لا التقییدی ولا التعلیلی»، فلا تخرجها عنه، ضرورة امتناع تنافی الشیء لمبدئه. ومن هیهنا تعرف منشأ التفرقة بین الأسماء الإلهیة والکونیة.

(۱۰۵)