۱۳۹۵-۰۲-۲۱

التمهید فی شرح قواعد التوحید : الفصل الأول فی النوحید

 

لفظة «الوجود»

ثُمّ أنّه لیس بین الألفاظ المتداولة هیهنا شیء أحقّ من لفظ الوجود بذلک « أی موضوع العلم الالهی»؛ إذ معناه أعمّ المفهومات حیطةً وشمولاً، وأبینها تصوّرا، وأقدمها تعقّلاً وحصولاً، بالوجهین:

أمّا الأوّل، فلأنَّ تحقّق معنی نسبة العموم والخصوص راجع إلی أنّ المتّصف بأحد الحصولین من أفراد الخاصّ مندرج فی المتّصف بذلک الحصول من أفراد العامّ دون العکس، وبینٌ أنّ کلّ مفهوم لا یتحقّق عموم المفهومات إلاّ بعد اتّصافها بأحد قسمیه لابدّ وأن یکون ذلک المفهوم مطلقا أعمّ المفهومات ضرورةً.

وأمّا الثانی، فلأنّ معنی کون الشیء بینا أو غیر بین أیضا راجع إلی عدم احتیاجه فی الاتّصاف بأحد الحصولین والوجودین إلی واسطة وإلی احتیاجه إلیها، فإنّ ما یکون فی الاتّصاف المذکور مسبوقا بغیره ومحتاجا فی تلک

(۲۷)

النسبة الاتّصافیة التی بینهما إلی واسطة، یکون بعیدا عن الحصول المذکور ویقال: إنّه غیر بین، ویتفاوت البعد بحسب قلّة الوسائط وکثرتها، وما لا یکون فی الاتّصاف المذکور مسبوقا بغیره ولا محتاجا فیه إلی واسطة؛ بل له الاتّصاف بالحصول المذکور أوّلاً وبالذات یکون قریبا منه، ویقال: إنّه بین، وبینٌ أنّ کلّ ما تکون نسبة القرب من خواصِّه منه توجب أن یکون المنتسب إلیه بینا، ونسبة البُعد عنه تستدعی أن یکون غیر بین لابدّ وأن یکون أبین المفهومات وإلاّ لم تکن تلک النسبة موجبةً للتبیین ولا عدمها مانعا له، علی أنّه أقرب المعانی بالنسبة إلی المبدء؛ فإنّه ما من شیء یتحقّق بنفسه « وهی الجواهر» أو بشیء آخر « وهی الأعراض» إلاّ ویکون مقارنته إیاه أوّلاً، وکذلک لا یکون حصوله فی نفسه أو لشیء إلاّ بعد حصول ذلک المعنی له وتحقّقه به، ولذا تجد ذلک اللفظ أظهر دلالةً وأکثر تداولاً فی عبارات المحقِّقین عند إدارتهم إیاه من سائر الأسماء والألفاظ(۱).