فصل فی الأغسال الفعلیة
(۱۶۹)
وقد مرّ أنّها قسمان :
القسم الأوّل ـ ما یکون مستحبّا لأجل الفعل الذی یرید أن یفعله ، وهی أغسال :
أحدها ـ للإحرام وعن بعض العلماء وجوبه .
الثانی ـ للطواف ؛ سواء کان طواف الحجّ أو العمرة أو طواف النساء ، بل للطواف المندوب أیضا .
الثالث ـ للوقوف بعرفات .
الرابع ـ للوقوف بالمشعر .
الخامس ـ للذبح والنحر .
السادس ـ للحلق ، وعن بعضهم استحبابه لرمی الجمار أیضا .
السابع ـ لزیارة أحد المعصومین علیهمالسلام من قریب أو بعید .
الثامن ـ لرؤیة أحد الائمّة علیهمالسلام فی المنام کما نقل عن موسی بن جعفر علیهماالسلام أنّه إذا أراد ذلک یغتسل ثلاث لیال ویناجیهم فیراهم فی المنام .
التاسع ـ لصلاة الحاجة ، بل لطلب الحاجة مطلقا .
العاشر ـ لصلاة الاستخارة ، بل للاستخارة مطلقا ، ولو من غیر صلاة الحادی عشر لعمل الاستفتاح المعروف بعمل أمّ داود .
الثانی عشر ـ لأخذ تربة قبر الحسین علیهالسلام .
الثالث عشر ـ لارادة السفر ؛ خصوصا لزیارة الحسین علیهالسلام .
الرابع عشر ـ لصلاة الاستسقاء ، بل له مطلقا .
الخامس عشر ـ للتوبة من الکفر الأصلی أو الارتدادی ، بل من الفسق ، بل من الصغیرة أیضا .
السادس عشر ـ للتظلّم والاشتکاء إلی اللّه من ظلم ظالم ، ففی الحدیث عن الصادق علیهالسلام ما مضمونه : إذا ظلمک أحد فلا تدع علیه ، فإنّ المظلوم قد یصیر ظالما
(۱۷۰)
بالدعاء علی من ظلمه ، لکن اغتسل وصلّ رکعتین تحت السماء ، ثمّ قل : اللّهم إنّ فلان بن فلان ظلمنی ولیس لی أحد أصول به علیه غیرک ، فاستوف لی ظلامتی الساعة الساعة بالإسم الذی إذا سألک به المضطرّ أجبته فکشفت ما به من ضرّ ، ومکنت له فی الأرض ، وجعلته خلیفتک علی خلقک ، فاسألک أن تصلّی علی محمّد وآل محمّد ، وأن تستوفی ظلامتی ، الساعة الساعة فستری ما تحبّ .
السابع عشر ـ للأمن من الخوف من ظالم ، فیغتسل ویصلّی رکعتین ، ویحسر عن رکبتیه ، ویجعلهما قریبا من مصلاّه ، ویقول مأة مرّة : یا حی ، یا قیوم ، یا حی ، لا إله إلاّ أنت ، برحمتک أستغیث ، فصلّ علی محمّد وآل محمّد ، وأغثنی الساعة الساعة ، ثمّ یقول : أسالک أن تصلّی علی محمّد وآل محمّد ، وأن تلطف بی وأن تغلب لی ، وأن تمکر لی ، وأن تخدع لی ، وأن تکفینی مؤونة فلان بن فلان بلا مؤونة ، وهذا دعاء النبی صلیاللهعلیهوآله یوم أحد .
الثامن عشر ـ لدفع النازلة یصوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، وعند الزوال من الأخیر فیغتسل .
التاسع عشر ـ للمباهلة مع من یدّعی باطلاً .
العشرون ـ لتحصیل النشاط للعبادة أو لخصوص صلاة اللیل ، فعن فلاح السائل : أنّ أمیر المؤمنین علیهالسلام کان یغتسل فی اللیالی الباردة لأجل تحصیل النشاط لصلاة اللیل .
الحادی والعشرون ـ لصلاة الشکر .
الثانی والعشرون ـ لتغسیل المیت ولتکفینه .
الثالث والعشرون ـ للحجامة علی ما قیل ، ولکن قیل أنّه لا دلیل علیه ، ولعلّه مصحف الجمعة .
الرابع والعشرون ـ لإرادة العود إلی الجماع ، لما نقل عن الرسالة الذهبیة أنّ الجماع بعد الجماع بدون الفصل بالغسل یوجب جنون الولد ، لکن یحتمل أن یکون المراد غسل الجنابة .
(۱۷۱)
الخامس والعشرون ـ الغسل لکلّ عمل یتقرّب به إلی اللّه ، کما حکی عن ابن الجنید ، ووجهه غیر معلوم ، وإن کان الاتیان به لا بقصد الورود لا بأس به .
القسم الثانی ـ ما یکون مستحبّا لأجل الفعل الذی فعله ، وهی أیضا أغسال :
أحدها ـ غسل التوبة علی ما ذکره بعضهم من أنّه من جهة المعاصی التی ارتکبها ، أو بناءً علی أنّه بعد الندم الذی هو حقیقة التوبة ، لکنّه هو من القسم الأوّل کما هناک ، وهذا هو الظاهر من الأخبار ومن کلمات العلماء ، ویمکن أن یقال : إنّه ذو جهتین ، فمن حیث أنّه بعد المعاصی وبعد الندم یکون من القسم الثانی ، ومن حیث أنّ تمام التوبة بالاستغفار یکون من القسم الأوّل ، وخبر مسعدة بن زیاد فی خصوص استماع الغناء فی الکنیف ، وقول الإمام علیهالسلام له فی آخر الخبر : «قم فاغتسل فصلّ ما بدا لک» یمکن توجیهه بکلّ من الوجهین ، أو لسرعة أنّه قبول التوبة أو لکمالها .
الثانی ـ الغسل لقتل الوزغ ، ففی النبوی : «اقتلوا الوزغ ولو فی جوف الکعبة»(۱) ، وفی آخر : «من قتله فکأنّما قتل شیطانا»(۲) ، ویحتمل أن یکون لأجل حدوث قذارة من المباشرة لقتله .
الثالث ـ غسل المولود ، وعن الصدوق وابن حمزة وجوبه ، لکنّه ضعیف ، ووقته من حین الولادة حینا عرفیا ، فالتأخیر إلی یومین أو ثلاثة لا یضرّ . وقد یقال إلی سبعة أیام وربّما قیل ببقائه إلی آخر العمر . والأولی علی تقدیر التأخیر عن الحین العرفی الاتیان به برجاء المطلوبیة .
الرابع ـ الغسل لرؤیة المصلوب ، وقد ذکروا أنّ استحبابه مشروط بأمرین : أحدهما ، أن یمشی لینظر إلیه متعمّدا ، فلو اتّفق نظره أو کان مجبورا لا یستحبّ . الثانی ، أن یکون بعد ثلاثة أیام إذا کان مصلوبا بحقّ لا قبلها ؛ بخلاف ما إذا کان مصلوبا بظلم ، فإنّه یستحبّ
۱ـ بحارالأنوار ، ج۶۱ ، ص۲۶۲ .
۲ـ بحارالأنوار ، ج۶۱ ، ص۲۶۳ .
(۱۷۲)
معه مطلقا ولو کان فی الیومین الأوّلین ، لکنّ الدلیل علی الشرط الثانی غیر معلوم إلاّ دعوی الانصراف وهی محلّ منع ، نعم الشرط الأوّل ظاهر الخبر ، وهو من قصد إلی مصلوب فنظر إلیه وجب علیه الغسل عقوبة ، وظاهره أنّ من مشی إلیه لغرض صحیح کأداء الشهادة أو تحمّلها لا یثبت فی حقّه الغسل .
الخامس ـ غسل من فرّط فی صلاة الکسوفین مع احتراق القرص ؛ أی : ترکها عمدا ، فإنّه یستحبّ أن یغتسل ویقضیها ، وحکم بعضهم بوجوبه ، ولکنّه لا یجب ، وهو مستحبّ نفسی بعد التفریط المذکور ، ولکن یحتمل أن یکون لأجل القضاء ، کما هو مذهب جماعة ، فالأولی الاتیان به بقصد القربة ، لا بملاحظة غایة أو سبب ، وإذا لم یکن الترک عن تفریط أو لم یکن القرص محترقا لا یکون مستحبّا وإن قیل باستحبابه مع التعمّد مطلقا ، وقیل باستحبابه مع احتراق القرص مطلقا .
السادس ـ غسل المرأة إذا تطیبت لغیر زوجها ، ففی الخبر : «أیما امرأة تطیبت لغیر زوجها لم تقبل منها صلاة حتّی تغتسل من طیبها کغسلها من جنابتها» ، واحتمال کون المراد غسل الطیب من بدنها کما عن صاحب الحدائق بعید ، ولا داعی إلیه .
السابع ـ غسل من شرب مسکرا فنام ففی الحدیث عن النبی صلیاللهعلیهوآله ما مضمونه : «ما من أحد نام علی سکر إلاّ وصار عروسا للشیطان إلی الفجر ، فعلیه أن یغتسل غسل الجنابة» .
الثامن ـ غسل من مسّ میتا بعد غسله .
م « ۷۰۷ » حکی عن المفید استحباب الغسل لمن صبّ علیه ماء مظنون النجاسة ، ولا وجه له ، وربّما یعدّ من الأغسال المسنونة غسل المجنون إذا أفاق ، ودلیله غیر معلوم ، وربّما یقال إنّه من جهة احتمال جنابته حال جنونه ، لکن علی هذا یکون من غسل الجنابة الاحتیاطیة ، فلا وجه لعدّها منها ، کما لا وجه لعدّ إعادة الغسل لذوی الأعذار المغتسلین حال العذر غسلاً ناقصا مثل الجبیرة ، وکذا عدّ غسل من رأی الجنابة فی الثوب المشترک احتیاطا ، فإنّ هذه لیست من الأغسال المسنونة .
(۱۷۳)
م « ۷۰۸ » وقت الأغسال المکانیة کما مرّ سابقا الدخول فیها ، أو بعده لارادة البقاء علی وجه ، ویکفی الغسل فی أوّل الیوم لیومه ، وفی أوّل اللیل للیلته ، بل یکفی غسل اللیل للنهار وبالعکس ، وإن کان دون الأوّل فی الفضل ، وکذا القسم الأوّل من الأغسال الفعلیة وقتها قبل الفعل علی الوجه المذکور ، وأمّا القسم الثانی منها فوقتها بعد تحقّق الفعل إلی آخر العمر ، وإن کان الظاهر اعتبار إتیانها فورا ففورا .
م « ۷۰۹ » ینتقض الأغسال الفعلیة من القسم الأوّل ، والمکانیة بالحدث الأصغر من أی سبب کان حتّی من النوم .
م « ۷۱۰ » الأغسال المستحبّة لا تکفی عن الوضوء ، فلو کان محدثا یجب أن یتوضّأ للصلاة ونحوها قبلها أو بعدها ، والأفضل قبلها ، ویجوز اتیانه فی أثنائها إذا جیء بها ترتیبیا .
م « ۷۱۱ » إذا کان علیه أغسال متعدّدة زمانیة أو مکانیة أو فعلیة أو مختلفة یکفی غسل واحد عن الجمیع إذا نواها جمیعا ، بل یکون التداخل قهریا ، لکن یشترط فی الکفایة القهریة أن یکون ما قصده معلوم المطلوبیة لا ما کان یؤتی به بعنوان احتمال المطلوبیة ، لعدم معلومیة کونه غسلاً صحیحا حتّی یکون مجزیا عمّا هو معلوم المطلوبیة .
م « ۷۱۲ » نقل عن جماعة کالمفید والمحقّق والعلاّمة والشهید والمجلسی استحباب الغسل نفسا ، ولو لم یکن هناک غایة مستحبّة أو مکان أو زمان ونظرهم فی ذلک إلی مثل قوله : «إن اللّه یحبّ التوّابین ویحبّ المتطهّرین»(۱) ، وقوله : «إن استطعت أن تکون باللیل والنهار علی طهارة فافعل»(۲) ، وقوله : «أی وضوء أطهر من الغسل ؟ وأی وضوء أنقی من الغسل وأبلغ ؟»(۳) ، ومثل ما ورد من استحباب الغسل بماء الفرات من دون ذکر سبب أو غایة إلی غیر ذلک ، لکن إثبات المطلب بمثلها مشکل .
۱ـ البقرة / ۲۲۲ .
۲ـ الوسائل ، ج۱ ، ص۲۶۹ .
۳ـ الوسائل ، ج۱ ، ص۵۱۶ .
(۱۷۴)
م « ۷۱۳ » یقوم التیمّم مقام الغسل فی جمیع ما ذکر عند عدم التمکن منه .
(۱۷۵)