۱۳۹۵-۰۲-۲۰

التعلیقة علی المکاسب المحرّمة

 

الهُجر

قوله: «الثامنة والعشرون: الهجر ـ بالضم…»(۱).

الهجر دلیل علی ضعف شخصیة الفرد، وملاک قلّة حیائه وعدم الحرمة عند نفسه له ولغیره والمعاشرة معه مضرّة للدین والدنیا، والبعد من هذه الأفراد دلیل علی قوّة عقل الفرد، ولا بحث فی حرمته فی الجملة فی بعض مصادیقه الواضحة فی قبحه.

قوله: «هذا آخر ماتیسّر تحریره من المکاسب المحرّمة…»(۲).

لیس المراد فی ما تیسّر، الحصر التمام، بل إجمال ما فی المقام، وللحصر فی استقراء المکاسب المحرّمة یحتاج إلی زیادة مؤونة علی ذلک، وسأعمل ذلک فی مقامه إن شاء اللّه.

قوله: «الخامس ممّا یحرم التکسّب به، ما یجب علی الإنسان علی المشهور وکان الإجماع…»(۳).

فی إطلاق الحکم ودلیله کلام واسع، ولابدّ أن ینظر بعین الدلیل لکلّ مورد مورد بلا تمسک بالإجماع؛ لکثرة الاختلافات فی تلک المسألة ووجود الدلیل للحکم حرمةً أو جوازا.

قوله: «ما یجب علی الإنسان فعله، عینا أو کفایةً، تعبّدا أو توصّلاً …»(۴).

 

۱- المکاسب المحرّمة، ص۶۱. ج۲، ص۱۲۱.

۲- المصدر السابق، ص۶۱، س۳۰. ج۲، ص۱۲۲.

۳- المصدر السابق، ص۶۱، س۳۰. ج۲، ص۱۲۵.

۴- المصدر السابق، ص۶۱، س۳۰. ج۲، ص۱۲۵.

(۱۱۵)

والمهمّ فی البحث أن یعلم ما هو الموضوع للحرمة بأنّ الوجوب مانع أو التعبدیة أو غیرهما من العناوین المطروحة فی المقام، والمسألة فی الجمیع ناقصة. وأساس الإشکال علی ما فی کلام الشیخ، ما لا تکون فی عمل العامل منفعة للباذل، ویکون المال للعامل أکلاً بالباطل؛ لعدم إمکان وصول البذل إلی العامل؛ لأنّ وصول البذل إلی العامل لابدّ فیه من طریق شرعی للانتقال من البیع أو الهبة أو غیرهما، وفی المقام مع عدم الإمکان فی الانتقال لا یکون المال ماله، فیکون ما فی ید العامل من بذل مال الغیر، فهو له أکل للمال بالباطل؛ فبناءً علی هذا لا تکون العینیة أو الکفائیة أو التعبّدیة وما مثلها مانعة من الأخذ للأجرة، فالمانع عدم إمکان الانتقال من البذل بطریق صحیح شرعی؛ لعدم الطرف ورکن المعاوضة فی البین.

قوله: «ومن هنا یعلم…»(۱).

وجود الإجارة فی العبادة لا یوجب فسادها ولا یؤکد الإخلاص بها، وادّعاء الأمرین من الجانبین إفراط وتفریط. ولا تکون الإجارة بإزاء نفس النیابة؛ لأنّها مع العمل، وهو العبادة، واحد خارجا والحیثیات الذهنیة والقلبیة لا یقابلها شیء بحیالها عند العقلاء وإن کانت دخیلةً فی الأغراض ، وما یوجب البطلان هو ما لا یکون طریقا شرعیا لوصول البذل إلی العامل للعبادة عن

۱- المصدر السابق، ص۶۲، س۲۰، ج۲، ص۱۲۶.

(۱۱۶)

الأخری شرعا وإلاّ فلا إشکال فی أن یؤجر أحد للعبادة عن الأخری بالإجارة أو للثواب أو لتحصیل الأغراض الدنیویة أو الدینیة بواسطة دلیل الشرع وإن کانت تلک العبادة مع فرض الصحّة أیضا غیر ما لأحد فی أن یتحقّق عبادة للّه محضا، ومع صرف النظر عن ذلک لا فرق فی المطلوب من العبادة بعد فرض القربة والتوجّه إلی الحقّ تعالی بتحصیل الأغراض الخیریة من العبادات. وفی کتاب النهایة یقال المنع أو الجواز فی جمیع وجود المأثورات ومع الضعف أو الإجمال أو عدم الدلیل عن المأثورات بالمنع یحکم بالجواز، ولا مانع عقلاً إلاّ ما لا یکون للباذل نفع من العمل حتّی النفع الأخروی، وهو أیضا یصحّ الأمر ویتصوّر عقلاً بأن یشوّق أحد أحدا بالبذل فی أن یصلّی صلاة الیومیة؛ لأنّ الصلاة وإن کانت واجبةً علیه عینا، ولکن أجرة فرد أخری له علّة لتحقّق ذلک العمل من المکلّف العاصی، وهو نفع أخروی للباذل فی جعل أحد فی طریق الصلاح والسداد وأداء الوظیفه.

قوله: «عدا الإجماع الذی…»(۱).

إدّعاء الإجماع فی المقام لا یصحّ؛ لعدم تحقّق ذلک بنحو المشخّص، والاختلافات کثیرة، والأصل فی الجمیع مأثورات الباب، ومع الشک فی الحرمة الأصل الجواز فی جمیع ذلک مع إمکان تحقّق المعاوضة شرعا بین الباذل والعامل.

۱- المصدر السابق، ص۶۲، س۳۳. ج۲، ص۱۳۱.

(۱۱۷)

قوله: «بجواز أخذ الأجرة علی القضاء…»(۱).

لا إشکال فی أخذ الأجرة علی القضاء، ولیس الوجوب مانعا عن ذلک ولکن الأجرة فی ظلّ النظام علی الحاکم لا علی الأفراد المراجعین؛ سواء کان القاضی محتاجا إلیها أم لا. ولیس بلازم أن یؤخذ الأجرة بالارتزاق؛ سواء کان القضاء متعینا له أم لا، وسواء کان محتاجا أو لا، وصرف التعین أو العبادیة أو غیرهما لا یکون مانعا عن ذلک. وکذلک سائر الموارد من الواجبات الکفائیة من التغسیل والتدفین وغیرهما؛ لأنّ فی جمیع ذلک منافع للغیر أو الباذل، فیکون البذل بإزاء العمل، والعمل بازاء الأجرة المأخوذة، ولا ینافی الوجوب لذلک.

قوله: «وهو أنّ الصناعات التی…»(۲).

والواجب إن لم یفرض نفعه عائد إلی الأخری ووجوبه عینیا تعینیا لم یجز أخذ الأجرة له منه؛ لعدم النسبة بین ذلک العمل وبینه، ولا فرق فی ذلک بین التوصلّی والتعبّدی أو الواجب والمندوب، فکلّ عمل أدّی نفعه إلی نفس العامل لا یجوز أخذ الأجرة علیه، وإن أدّی نفعه إلی الغیر لا إشکال فی أخذ الأجرة علیه، وإن کان واجبا کفائیا أو من الصناعات التی تتوقّف النظام علیها؛ لأنّ التوقّف فیها من جهة تحقّق نفس الأعمال فی الخارج، ولا یرتبط

۱- المصدر السابق، ص۶۲، س۳۵. ج۲، ص۱۳۲.

۲- المصدر السابق، ص۶۳، س۲۷. ج۲، ص۱۳۷.

(۱۱۸)

بأخذ الأجرة علیها من حیث رجوع النفع إلی الأخری. ووجوب نفس العمل علی الأخذ غیر رجوع النفع منه إلیه، فالوجوب بلحاظ تحقّق نفس العمل فی الخارج، وأخذ الأجرة بلحاظ النفع العائد إلیه. وهذا أمر عقلائی مسلّم،ولا یدعی الشرع إلاّ إلی ذلک، ومع الوجوب أو الانحصار بالنسبة إلی الأفراد بلحاظ بعض الأعمال لابدّ للعامل من العمل، وأخذ الأجرة أمر آخر. ولا فرق فی ذلک بین الأفراد من أمّ المرضعة أو الوصی والطبیب وغیرها من موارد الواجبات الکفائیة من تجهیز المیت وتعلیم الجاهل وأداء صیغة النکاح وغیره. ولا فرق فی جمیع ذلک بین المستحبّ والمکروه والمباح أیضا. ولا إشکال فی أخذ الأجرة علی فعل المکروه أو المباح؛ حتّی المستحبّ إذا کان فیه شیئا عائدا إلی الموجر وإن کان الثواب الأخروی مقابلاً للفعل بلا إشکال من جهة العبادیة أو القربة وغیرهما. ولا إشکال فی النیابة أو الاستئجار علی العبادات للمیت حتّی للحی فی بعض الموارد بلا منافات له من جهة العبادیة أو القربة وغیرهما. والنصوص الموجودة فی الجمیع بیان لما فی الأصول العقلائیة من شرائط المبادلة وما من الصحّة فی التولیة والاستئجار إلاّ فی ما منع منه الشرع. ولا إشکال أیضا فی أخذ الأجرة للأذان لا لنفسه حتّی إن کان الأذان الأعمّ من نفسه وغیره فی النفع وحتّی النفع الأخروی.

(۱۱۹)

,