۱۳۹۵-۰۲-۲۰

التعلیقة علی المکاسب المحرّمة

 

الرشوة

قوله: «الثامنة: الرشوة حرام…»(۱).

لا إشکال فی أصل حرمة الرشوة وشدّة حرمتها وشدّة الحرمة فیها تظهر من بیان العِدل لها فی المأثورات وذکر الأقران

۱-المصدر السابق، ص۳۰، س۱۸، ج۱، ص۲۳۹.

(۶۸)

والأوصاف لها، من أنها کفر باللّه أو شرک أو لعن الرسول، أو عنوانها فی عِدل من نظر إلی فرج إمرأة لا تحلّ له أو رجلا خان أخاه فی إمرأته وغیر ذلک من الموارد.

المراد من الأول؛ أی: «من نظر إلی فرج إمرأة» الزنا بمطلق المرأة، ولها زوج أو لیس لها زوجا، وزوجها أخاه أو غیره. المراد من الثانی؛ أی: «رجلاً خان أخاه فی إمرأته» أیضا الزنا، ولکن بالمرأة الخاصّة التی لها زوج، وزوجها أخاه؛ أی: صدیق له.

الرشوة کما فی مجمع البحرین ما یتوصّل به إلی إبطال حقّ أو تمشیة باطل أو أعمّ من ذلک ممّا یعطی الشخص لیحکم له أو یحمله علی ما یرید أو لحصول غرضه ولو کان ماله حقا فی الواقع.

والشرط فیها مطلق وبأی وجه کان صریحا أو ضمنیا، مع الواسطة أو بلا واسطة آخر، أو غیر ذلک من الأقسام.

سؤال الأجرة فی مورد حاجة الناس إلی علم فرد لا یکون رشوةً حقیقةً وإن أطلق علیه الرشوة مجازا أو مبالغةً کما فی مورد الروایة، وفرق بین البابین: باب المستأکل بعلمه؛ خصوصا مع حاجة الناس إلی علمه وباب الرشوة للحکم علی غیر الحقّ.

وکذلک من طلب الأجرة فی القضاء مع وجوب القضاء علیه لا یطلق علی ذلک الأجرة الرشوة اصطلاحا، بل کان من باب تعدّد الأجر علی فعل واحد مع وجوب الفعل علیه سابقا بالأجر الأوّل المعین من جانب الشرع.

(۶۹)

المراد من المستأکل بعلمه کما فی الروایة من أفتی خلاف الحقّ طمعا فی حطوم الدنیا مع علمه بما أفتی وله موقعیة الافتاء من جهة العلم أو من تصدّی للافتاء من غیر علم طمعا فی الدنیا وحبّا للرئاسة ولو کان الافتاء حقّا فی الواقع.

المراد من السعة والاتّساح للقاضی بذل ما یزیح علّته ویقلّ معه حاجته إلی النّاس کما فی الروایة لا بمعنی البذل علی قدر شُحّة نفسه وعلی قدر حرصه وطمعه فی حطوم الدنیا کما هو الموجود فی هذا الزمان بعضا.

الهدیة لإیجاد المحبّة فی القاضی حرام وإن لم یکن فی البین حکما فعلاً، بل توجد الحبّ فی القاضی لزمان اللزوم کما هو دأب أبناء الزمان فی الآن فی أن یصنع المعین فی المواضع المهمّه من الأمور لیوم الحاجة واللزوم وکانت الهدیة فی الواقع الرشوة التی لها لسان حقی فی جعلها.

ولا فرق بین الهدیة والرشوة ماهیةً؛ لأنّ البذل لأجل الحکم فی الرشوة أو لإیراث الحبّ علی الحکم فی الهدیة.

لا ینحصر الرشوة بباب الحکم والقضاء، بل مطلق بالنسبة إلی جمیع المصادر من الأمور فی الدولة وفی الأمور المجتمعیة فی ما بین الناس، وطرح الرشوة فی الحکم فی لسان الروایات لا فی غیرها من الأبواب بجهة عدم وجود السعة فی الدولة فی عرف

(۷۰)

الموجود فی زمن الروایات، وبجهة شدّة الحرمة فی باب القضاء وأهمّیتها لوجود الدم والعرض فیها نوعا.

لو کان القاضی منفعلاً فی قضائه بجهة غیر المال، مثل أن یکون المتّهم أستاذه أو أقاربه أو مَن وجب علیه منه حقّا فی سالف الزمان وذلک الانفعال إن کان خیرا مثل أن یقول الحقّ معه إن شاء اللّه ولکن یحکم بالحقّ علی أی حال لیس فی ذلک إشکال، وأمّا إن کان انفعاله نقصا وباطلاً بأن یتأثّر ویحکم له بغیر الحقّ ولا یکون ذلک الحکم حقّا، هو أمر قبیح وحکمه باطل ومعصیة منه ولکن لا یکون من مصادیق الرشوة فی الحکم؛ لأنّ الرشوة مقیدة بالأخذ، وکذلک إن کان الانفعال بجهة الأخذ؛ لکن بلا ارتباط بالحکم أو عنوان القاضی والقضاء فی ما مضی، وکذلک بالنسبة إلی الاستقبال بأن یعطی الهدیة به لإیجاد الحبّ فیه بلا وجود حکم فی البین، وکان هدفه من الإعطاء إیراث الحبّ بسبب أنّه قاضی ولعلّ یحتاج إلیه فی ما بعد، وذلک حرام، لکن لا یکون رشوةً بالنسبة إلی القاضی لعدم العلم بذلک فی زمان الأخذ، نعم مع علم القاضی بذلک کان أخذه حراما وإن لم یکن رشوةً؛ لعدم وجود الحکم فعلاً أو قوّةً. والمحابات مع قصد المعاملة رشوة ولکنّ البیع صحیح؛ لأنّ المعاوضة محقّقة وإن کانت بقلیل والمحابات صفة خارجة عن أصل المعاملة.

(۷۱)

موارد الآیات الإلهیة: «من یشترون بآیات اللّه ثمنا قلیلاً» لا تکون کلاًّ مربوطة بالرشوه؛ لأنّ الرشوة معصیة عملیة فی مجاری الأمور، وموارد الآیات مربوطة بالإنکار والاختفاء لحقائق النظریة والعقائد الدینیة.

أجور القضاة غیر الرشوة، والجملة ناظرة إلی حرمة الأجرة علی القضاء وإن کانت بالحقّ. وأخذ الشیء للحکم بالحقّ أو النظر فی أمر المتدافعین لا یکون من مصادیق الرشوة اصطلاحا؛ لأنّ ذلک الأخذ إن کان مع وجوب الفعل علیه لا یجوز وکان أخذا حراما لا علی نحو الرشوة، وإن کان مع عدم الوجوب علیه الإشکال فی نفس ذلک الأخذ من القاضی.

,