۱۳۹۵-۰۲-۲۱

التمهید فی شرح قواعد التوحید : الفصل الثانی فی الإنسان الکامل

 

الوصل الثامن والأربعون

فی ایراد آخر علی نفی جامعیة الإنسان الأکبر

قال:

«وحینئذ لو صحّ أن یجعل ذلک المَظهر التامّ الکامل لجمیع تلک الأشخاص، لصحّ أن یجعل ذلک المَظهر جمیع أجزاء العالم الکبیر الذی یکون من جملته الإنسان وأشخاصه، ثمّ إنّ إدراک ذاتها من حیث هی جامعة لجمیع الکمالات علی النسق المذکور لو لم یکن من الکمالات الحقیقیة المؤثّرة المرغوبة فیها المطلوبة لذاتها، لم یصلح أن یکون علّةً غائیةً لإیجاد العوالِم علی ما ذهبتم إلیه، ولا ینبعث نحوه الإرادة المخصّصة والمحبّة الذاتیة الإلهیة، ولو وجب أن یکون من جملتها لتوقّف الواجب لذاته فی شیء من کمالاته الحقیقیة علی غیره الممکن بحسب ذاته الحادث من جهة نشأته، فلم یکن الواجب لذاته واجبا من جمیع جهاته.

فلئن قیل: إنّ توقّفه فی ذلک علی الکون الجامع، لا یمکن أن یکون من حیث هو مغائرةً إیاه.

قلنا: إنّ توقّفه علیه من جهة اشتماله علی جمیع القوابل والمظاهر وانضمام بعضها إلی بعض وما یشبهه، ولا شک أنّ الکون الجامع من هذه الجهة مغائر له».

أقول:

هذه تتمّة الإیراد المبطل للمرآتیة والمظهریة مطلقا، وبیان ذلک: أنّه قد تبین أنّ حقیقة الإنسان لا یصلح لتلک المظهریة، فحینئذ لو جعل الصالح لها

(۲۰۷)

هو العالم الکبیر بجملة أجزائه الکیانیة لزم المحال أیضا، لأنّه لو صحّ أن یجعل مرآة الحقیقة الحقّة الواجبة العالم الکبیر؛ أعنی جمیع أجزاء العالم الذی من جملته الإنسان وأشخاصه، فحینئذ إدراک تلک الحقیقة ذاتها من حیث هی جامعة لجمیع الکمالات الأسمائیة علی النسق المذکور، الذی هو عبارة عن ظهورها بسائر مراتب العالم حتّی المحسوسات فی نشأة جامعة لمرتبتی الظهور والإظهار، حائزة لمنقبتی الشعور والإشعار؛ أعنی النشأة الحقیقیة الانسانیة « فلا یجری الإشکال فیها بل مورده هو العالم»، لو لم یکن من الکمالات الحقیقیة المؤثّرة المرغوبة فیها المطلوبة لذاتها، لم یصلح أن یکون علّةً غائیةً لإیجاد العوالم، باعثةً للحرکة الحبّیة الإیجادیة علی ما ذهبتم إلیه، وحینئذ یجب أن لا ینبعث نحو الإرادة المخصِّصة والمحبّة الذاتیة الإلهیة، ولو وجب أن یکون من جملتها للزم أن یکون الواجب لذاته محتاجا فی شیء من کمالاته الحقیقیة إلی غیره الممکن بحسب ذاته الحادث من جهة نشأته متوقّفا کمالاته علیه، فإذا کان مرآتیة العالم تستدعی الإدراک المذکور المستلزم لاحتیاج الواجب وتوقّفه فی کمالاته علی غیره، لزم أن لا یکون الواجب لذاته واجبا من جمیع جهاته. فقوله: «فلم یکن الواجب لذاته واجبا من جمیع جهاته»، جواب الشرط المذکور.

ثمّ أورد علی هذا الکلام: بأنّ توقّف تلک الحقیقة فی کمالاتها علی الکون الجامع؛ أی النشأة الإنسانیة، لا یمکن أن یکون من حیث هی مغائرةً لها، فإنّها بهذه الحیثیة معدومة مطلقا، کما مرّ غیر مرّة، فلا یصلح لأن یکون موقوفا علیها الکمالات الواجبة .

فأجاب بأنّ توقّفها علی تلک النشأة إنّما هو من حیث اشتمالها علی جمیع القوابل والمظاهر المتکثّرة حتّی یصحّ أن یکون مظهرا لحقائق الأسماء

(۲۰۸)

وخصوصیاتها، ومن حیث اشتمالها علی النسبة الانضمامیة التی لبعضها إلی بعض وما شبه تلک النسبته الانضمامیة من أنواع النسب مثل التنافی والتقابل الموجب لتعاکس أشعّة الإظهار وظلال الظهور، حتّی یصلح لأن یکون مظهرا لتلک النسب الواقعة بین تلک القوابل، فإنّ خصوصیات القوابل إنّما یعرف بالنسب، ولا شک أنّ الکون الجامع من هذه الحیثیة مغائر للواجب ضرورةً من جهة الکثرة الإمکانیة العدمیة.

(۲۰۹)