۱۳۹۵-۰۲-۲۰

القواعد الفقهیة

 

* ۱۱ *

قاعدة «أصالة الصحّة فی أفعال العقلاء»

من جملة القواعد الفقهیة قاعدة أصالة الصحّة فی أفعال العقلاء، وفیها جهات من البحث:

الأولی، فی معناها، وهو تطابق العمل للواقع فی ما صدر من العقلاء بعد إحراز العمل ووجود أصل الشیء؛ مسلما کان العاقل أو غیره ومن الخواصّ أیضا أو عامیا، فتبین من هذا معنی العاقل والعقلاء فی العنوان.

ولا فرق أیضا من جهة الصحّة بین الفاعل والقابل والحاضر والغائب وبین المعاملات والعبادات، وفی المعاملات أیضا لا فرق بین تحقّق شروط العقد أو المتعاقدین أو العوضین ووقوع الخلل فی جمیعها بعد إحراز أصل العقد أو إحراز العمل والعنوان فی مواردها؛ بمعنی تحقّق الموضوع فیها وعدم قرینة معتبرة فی مقابل هذه القاعدة ویحکم بالصحّة فی الجمیع، ومع القرینة المخالفة المعتبرة العقلائیة لا یقتضی ولا یفیء لهذا الأصل

(۳۳)

مورد أصلاً؛ لأنّ هذا الأصل العقلائی مقیدا بهذا الأمر فی لُبّ معناه؛ لأنّ بناء العقلاء فی هذه القاعدة علی أن یعملوا بها علی ترتیب أثر الواقع حتّی تظهر القرینة المعتبرة علی خلافها.

والثّانیة، فی اعتبارها، وهو أنّ سیرة العقلاء کافةً من جمیع الملل والنحل ترتیب الآثار الواقعیة علی أفعال العباد ، وعدم الردع عن الشارع یکون کاشفا عن امضائها واعتبارها عنده، کما هو مفاد الأخبار الکثیرة فی موارد متعدّدة.

ولو لم یکن هذه القاعدة معتبرة لاختلّ النظام فی المعاش والمعاد، وکان الاختلال الناشی من جانب عدم هذه القاعدة أشدّ وأعظم من الاختلال الذی یلزم من عدم اعتبار قاعدة الید.

والبیانات الواردة فی الأخبار مشیرة إلی هذا الأمر وحاکیة عن اعتبار حکم العقل وتحقّقه.

والثّالثة، فی خصوصیاتها، وهو أنّ هذه القاعدة حاکمة علی قاعدة أصالة الفساد والاستصحابات الموضوعیة العدمیة أیضا؛ لأنّ أصالة الفساد

(۳۴)

موضوعها الشک فی العنوان أو الموضوع، وبعد تحقّق أصل الموضوع والعنوان کان المقام مقام أصالة الصحّة فی وجود الشرائط أو فقد الموانع وغیرهما من الخصوصیات، ولأماریتها تقدّم علی جمیع الاستصحابات الموضوعیة والعدمیة، وعدم الموضوع لجمیعها فی ظرف تحقّقها.

وقاعدة أصالة الصحّة فی فعل المسلم ناشئة من هذه القاعدة، بل کان هذا الاصل من نفس هذه القاعدة بمناطاة واقعیة التی صادرة عناوینها من الشارع فی موارد متعدّدة.

وأصالة الصحّة فی الشبهات الموضوعیة کأصالة الإطلاق والعموم فی الشبهات الحکمیة، وکلاهما لا یجریان إلاّ بعد تحقّق الموضوع فی الشکوک المتأخّرة عن الموضوع والعنوان والأصل، ولا یجریان فی تحقّق الموضوع والأصل.

والجهة الرابعة، فی أماریتها، أنّ هذه القاعدة تکون أمارة عقلائیة أمضاها الشارع، ویحکی اعتبارها ببیان مواردها ومواقعها، ولا تکون أصلاً ـ

(۳۵)

محرزا کان أو غیره ـ ویثبت لها جمیع الآثار الشرعیة والعقلیة والعادیة تماما بلا فرق بینها، وبناء العقلاء فیها کما سبق أن یعملوا بها علی ترتیب آثار الواقع إلی أن تظهر القرینة المعتبرة علی خلافها ، فلهذا تقدّمت هذه الأمارة علی الاستصحابات الموضوعیة والأصول العدمیة، لأماریتها، وتقدّمها علی الجمیع، وعدم موضوع لهما فی ظرف تحقّقها أصلاً. وهی ساریة فی جمیع الأفعال من الجوارح والجوانح مطلقا؛ حتّی یظهر خلافها ولو بالقرینة المعینة.

(۳۶)

 

,