۱۳۹۵-۰۲-۲۰

الغناء والرقص

 

مدارک الحرمة

هذا غالب المدارک لهذا الأمر فی النفی والإثبات، ولکنّ المدارک فی الملاهی والآلات اللهویة علی وزان واحد، وهو التحریم والاستنکار من الشارع لهذه الأمور الفاسدة والمفسدة للدین والدّنیا فی زمن النزول من المدارک وشیوع الفساد للخلفاء فی ذلک الأمر. ویذکر فی المقام نبذة منها:

«أنّ صاحب بیت البربط بعد الأربعین لا یغار حتّی تؤتی نساؤه، وکان أثر البربط نفی الغیرة حتّی تؤتی نساؤه فلا یغار»(۳).

«ضرب العیدان ینبت النفاق فی القلب کما

۱ـ الأنبیاء / ۱۶ – ۱۷.

۲ـ الوسائل، ج۱۲، ص۲۲۸، باب۹۹، ح۱۵.

۳ـ الوسائل، ج۱۲، ص۲۳۲، باب ۱۰۰، ح۱.

(۱۹)

ینبت الماء الخضرة»(۱).

«جعل ابلیس وقابیل المعازف والملاهی فی الأرض لشماتته بآدم»(۲).

«قال رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله : أنهاکم عن الزفن والمزمار وعن الکوبات والکبُرات»(۳).

سئل الصادق علیه‌السلام عن السفلة، فقال: «من یشرب الخمر ویضرب بالطنبور»(۴).

«ایاک… عن تکون صاحب عرطبة، وهی الطنبور أو صاحب کوبة وهو الطبل»(۵).

«لا تدخل الملائکة بیتا فیه خمر أو دفّ أو طنبور أو نرد»(۶)

وبعض الأحادیث فی تحریم کسب المغنّیة، منها:

«أن المغنیة ملعونة، وملعون من أکل کسبها»(۷).

 

۱ـ المصدر السابق، ج۱۲، ص۲۳۳، باب ۱۰۰، ح۳.

۲ـ المصدر السابق، ج۱۲، ص۲۳۳، باب ۱۰۰، ح۶.

۳ـ المصدر السابق، ج۱۲، ص۲۳۳، باب ۱۰۰، ح۶.

۴ـ المصدر السابق، ج۱۲، ص۲۳۴، باب ۱۰۰، ح۱۱.

۵ ـ المصدر السابق، ج۱۲، ص۲۳۴، باب ۱۰۰، ح۱۲.

۶ ـ المصدر السابق، ج۱۲، ص۲۳۵، باب ۱۰۰، ح۱۳.

۷ ـ المصدر السابق، ج۱۲، ص۸۵، باب۱۵، ح۴.

(۲۰)

ولکن فی بعضها یستثنی الحرمة فی العرائس وقیل: لا بأس بکسبها، فقال الحرمة منحصرة بالتی یدخل علیها الرجال ویستشهد بقوله تعالی:

«ومن الناس من یشتری لهو الحدیث لیضلّ عن سبیل اللّه»(۱).

وکذلک الزفّ فی العرائس موجود فی بعضها.(۲)

کلّ ما یفهم من هذه المدارک علی النحو الکلّی والإجمال قبل التفصیل أمور شتّی یذکر فی المقام نبذة منها:

الاوّل. بعض هذه المدارک یکون من الضعاف والمجهول والعامی فی کلّ من الطائفتین من النفی والإثبات.

الثانی. بعضها یمکن أن یکون تقیةً بعد فرض الصدور.

الثالث. الشارع المقدّس فی بعض الموارد من هذا الأمر عمل بالإهمال بلسان البیان فی بعض مصادیقه أو عدم حرمته لعدم الفساد فیه کما فی العرس والعید.

۱ـ المصدر السابق، ج۱۲، ص۸۴، باب ۱۵، ح۱.

۲ـ الوسائل، ج۱۲، ص۸۵، باب۱۵، ح۲ و۳.

(۲۱)

الرابع. لا یکون مطلق الصوت بغناء وإن کان الغناء ـ بأی وجهٍ کان ـ یکون من مقولة الصوت.

الخامس. لا تکون المادّة دخلیةً فی الحرمة والحلیة.

السادس. الإفراط من الفقهاء محقّق فی بیان حدّ الحرمة وإن کان الإفراط موجودا أیضا من البعض فی بیان حدّ الحلیة.

السابع. لا یکون المناط فی الحرمة الضرر کما قیل بعض، نعم لا یکون التعبّد فی هذا الأمر أصلاً.

الثامن. عدم الإطّلاع علی الموضوع من جانب الفقهاء شدّد أمر الإفراط من جانبهم وجانب الحرمة.

التاسع. الغناء الصوتی أمر واستعمال الملاهی بالآت اللهویة أمر آخر فی جهة الحکم والموضوع، وإن کان الموجود فی الغالب بالوحدة والاتّحاد فی جمیع الأعصار.

العاشر. المحقّق من الغناء صرف الصوت المفسد

(۲۲)

للناس من أهل الباطل أو من أهل الحقّ علی الظاهر، ولا یحرز الزیادة علی هذا المقدار بهذا الوصف، والأمر فی المشکوک معلوم.

الأحد عشر. الصوت الحسن وحسن مطلق الصوت موهبة إلهیة للإنسان والحیوان وسائر الموجودات، وهو نعمة ملکوتیة وهو من أوصاف الائمّة والأنبیاء، وهو عنوان لصفاء الباطن فی أی فرد کان، وإن کانت الحرمة أیضا موجودة فیه وعارض علیه .

الثانی عشر. استعمال الصوت فی الغالب قد کانت بأیدی أهل الفسوق والباطل، ولهذا انصرف طبع العموم من أهل الحقّ فی استعمال الصوت إلی الباطل والمفسد. وانصرف جمیعه عن الحقّ؛ حقّا کان أو باطلاً ـ ومنع الکلّ إلاّ شذّ وندر.

الثالث عشر. عدم وجدان الذوق من أهل الظاهر والفقه وجمودهم شدّد هذا الانصراف والبعد منه فی الکلّ.

(۲۳)

الرابع عشر. لا أساس لتعاریف أهل اللغة فی تعریف الموضوع وتحقیقه، مضافا إلی أنّ هذه التعاریف لا تقف إلی أمر معلوم وحدّ معین أصلاً.

الخامس عشر. یلزم بمقتضی الطبع والفطرة للعالم ـ من أی علم کان ـ أن یظهر المحبّة من نفسه بصوت حسن مع جمیع شؤونه ـ وإن ینکر أشدّ الإنکار العوارض القبیحة التی یبدو فی أطرافه بأیدی الفسقة وأهل الباطل ـ تحکیما للعلم والحکمة، وتثبیتا للحقّ، وتحقیقا لإدراک الحقائق والمعانی.

السادس عشر. ممّا یجب أن یعلم أنّ الصوت الحسن موجود ـ وإن کان الصوت الحسن أیضا مطربا مهیجا ویکون فیه ترجیعا ـ إلاّ أنّه لا یصدق علیه اللهو والباطل وإن کان التشخیص فی الشبهة المصداقیة مشکل جدّا ماهیةً ووجودا.

السابع عشر. أنّ آلات الملاهی لمّا کانت فی سالف الزمان وزمان الوحی والعصمة وزماننا هذا

(۲۴)

فی أیدی الفسقة وأهل الباطل لا یتحقّق فی الخارج لها المنافع الحسنة والمباحة والفوائد الصحیحة، ولهذا خلط الأمر بین الإثبات والثبوت، ووقع الاشتباه بین الواقع الخارجی ونفس الأمر، وحصل فی الأذهان أن لا یتصوّر لها المنافع الحسنة، واحتسب جمیع الفوائد والاستفادة منها حراما، ولم یقرّر لهذه الآلات منفعة محلّلة، وهذا أمر فی واقعة ولا أصل له؛ لأنَّ المنافع المستحسنة والفوائد المحلّلة منها کثیرة، بل أکثر من غیرها الذی یکون مشابها لها فی الماهیة من حیث المنافع والمضارّ، ولکن لتصرّف أهل الباطن لهذه الآلات فی طول الأزمنة والأعصار وعدم تمکن أهل الحقّ علی استخدام هذه الآلات المشترکة بین الحرام والحلال وعدم رغبتهم جزءً وفردا، ولخفاء هذه الأمر لهم فی هذه الأشیاء فی نفسها وقع الأمر کلیةً وتماما هکذا.

وصدور الروایات أیضا مشرف علی وقوع هذه الآلات خارجا، وإن کان الإطلاق یفهم منها

(۲۵)

الحرمة لها إلاّ أنّ لسان الجمیع مشرف علی الواقع والخارج من الزمان، وکان الأمر فی واقعة، فعلی هذا لو أمکن الاستفادة منها علی وجه محلّل فلا إشکال فی حلّیة الانتفاع بها ومع عدم الاستفادة منها محلّلة یکون النقص فی الفاعل وفی جهة الاستفادة لا من عدم اقتضاء هذه الآلات الموجودة، للمنافع المحلّلة والفوائد الممکنة.

الثامن عشر. قد طرح فی هذا الأمر وفی کثیر من الأمور المختلفة الأخری لزوم الاحتیاط فی جمیع مصادیقها المشتبهة دائما؛ لعدم الوقوع فی الحرمة قطعا، وهذا الواقع طرح و خلط، ولیس بطرحٍ لدفع المعصیة التی کانت غرض الشارع من أحکامه الحفظ من الوقوع فیها فی مقام العمل لا فی مقام النظر والإدراک، وهذه القاعدة مخصوصة بمقام العمل، ولا یکون موردها النظر والتدقیق فی الأحکام والموضوعات.

وبعبارة أخری، هذا الأمر صحیح فی جهات

(۲۶)

عملیة لحفظ النفس من الوقوع فی الخطأ والعصیان، ولا یصحّ أن یستفاد منه فی الجهات النظریة والأمور العلمیة والمسائل الحقیقیة التی لابدّ فیها من الاجتهاد وتحمّل المشاقّ لتحصیل الحقّ، فلا یجوز الاحتیاط فی الجهات النظریة والإدراکات العلمیة؛ لأنّ هذا تسدید لباب العلم وتخریب للمعرفة وتفویت للمنافع المسلّمة، ولیس هذا شأن العلم والتحقیق، وترک هذا الأمر بالکلیة مساوٍ لمنع الفیض من الحقّ والسؤال والتوهّم فی جهة مشی الشارع علی ترک الخیرات وإهمال الکمالات الحقّه الانسانیة.

فالحرمة منحصرة فی الصوت المفسد والمشوّق إلی الحرام، وهو الذی کان من لحون أهل الفسوق والعصیان وإلاّ فمجرّد الصوت الحسن أو المطرب المرجّع لا یکون حراما أبدا، مع أنَّ بعض أقسام الغناء المحرّم والصوت اللهوی لا یکون مطربا ولا یکون فیه أیضا ترجیعا.

(۲۷)

فکلّ صوتٍ یکون مفسدا بکیفیة مخصوصة التی تعدّ فی العرف العام من ألحان أهل الفسوق والمعاصی فهو حرام ـ وإن فرض أنّه لیس بغناءٍ ـ وکلّ ما لا یعدّ مفسدا محرّکا إلی الفساد فلیس بحرام ، وإن فرض صدق الغناء علیه لغةً.

فالشبهة فی الغناء والحرمة فیه تکون فی الواقع الخارجی لا فی الحقیقة النفس الأمریة، وکان الشائع فی زمان الروایات الغناء علی سبیل اللهو من الجواری والمغنّیات وغیرهنّ فی مجالس الفجور والخمود، ولیحمل الغناء علی الأفراد الموجودة الشائعة فی ذلک الزمان وإلاّ فالصوت الحسن لا یکون باطلاً ولا حراما ولا لهوا ولا لغوا، بل الأصوات الطیبة مذکرة للآخرة، والمهیجة علی الأشواق الصافیة إلی عالم القدس والمعرفة، فبالجملة، القدر المتیقّن من الغناء الحرام الصوت المشوّق إلی الفساد، وغیر ذلک یکون علی أصل الإباحة والحلّیة، وفیها الأصوات المستحسنة

(۲۸)

والملکوتیة الروحیة الشیقة.

فالجمع بین المدارک مع الضعف فی کلِّ من الطائفتین من المثبت والمنفی فی السند والدلالة ممکن ومعقول بلا تبرّع، وهو أنّ الاستحسان للصوت المحلّل، والحرمة للصوت المفسد الباطل.

وأیضا الحرمة فی آلات الملاهی تکون کذلک فی واقعة خارجیة، لا فی النفس الأمریة لها، وأیضا تساهل عملی من جانب الشارع لعدم وجود التصریح فی بعض الموارد علی الحرمة لمصالح شتّی.

,